بذر البطيخ وشجر الموز

لا يمكن الحصول على شجر الموز من بذر البطيخ – حقيقة علمية!

إذا كنت لا تحب الموز أو البطيخ يمكن إستبدالها بما تريد من فواكه, ولكن الحقيقة العلمية ستبقى ثابتة!

أَعلم أني أخاطر بوجود الجملة السابقة في بداية المقال حيث أنها  كفيلة بأن تجعلك تترك الصفحة وتغادر لأني “جَي أنكّت واهزّر”! – ولكني عزمت على ذكرها في بداية المقال -على غرابتها- لأننا وببساطة نفعل ذلك مع أبنائنا بصورة شِبه يومية! بل نتعدى ذلك إلى أننا نريد أن  “نضرب الأرض .. تطلع بطيخ!”

bana_watermelon

نعم, نفعل ذلك يومياً مع أبنائنا! تسألني كيف؟ “أقوللك يا سيدي …”  نَبذُر -مثلاً- بُذور “النرفزة والزعيق” ونطالب أبنائنا بهدوء الطبع وأن يتكلموا ويلعبوا بصوت منخفض “علشان يبقوا أولاد كويسين”! تماماً مثل أن تبذر بذرة معينة وتنتظر شجرة مختلفة.

لن أتكلم عن بذور “النرفزة” تحديداً, بل سأحاول أن أتكلم عن عدة أمثلة لبذور نبذرها في حياة أبنائنا والتي لا علاقة بينها وبين ما ننتظر ونرجوا من أشجار ستنموا وتكبر مع أبنائنا وهم يكبروا …

قبل أن أبدأ في سرد بعض الأمثلة لبذر البطيخ الذي نبذره  ـ التي أتمنى أن تساعدوني بإكمالها في التعليقات ـ أريدك عندما أقول مثلاً “إذا أردت أن تزرع في إبنك الثقة في النفس” أن تتخيل ابنك وهو شاب عنده عشرون عاماً, وليس طفل عنده 5 أعوام (مازال بذرة) ضع دائماً عينك على الهدف وما سيكون عليه حال أبناؤك بعد أن يكبروا لتعلم خطورة ما نبذره فيهم من الآن … “يللا نبدأ؟  طب صلي بينا على النبي”.

  1. إذا أردت أن تزرع في إبنك احترام نفسه قبل أن يحترمه الناس ..
    • فلا تبذُر: “إنت حمار يا ابني؟” .. أو  “واد يا يوسف, هات إزازة ميه من التلاجة” .. أو “طراااخ ( صوت شلوت أو بوكس أو .. أو .. في لحظة غضب)”.
    • ولكن ابذُر: “لو سمحت يا أسامة هات إزازة ميه من التلاجة” .. “شكراً يا حبيبي على كذا” .. أو تسمعه بكل تركيز وهو يكلمك أو تعتمد على التهذيب المعنوي ولا تعتمد على العقاب البدني.
  2. إذا أردت أن تزرع في ابنك أن يحاول ويجرب ويخفق أحياناً لينجح أحياناً أخرى ..
    • فلا تبذر: “إنت يبني عُمرك ما بتتعلم أبداً؟” .. “تهزقه بعد أن يكسر كوباً بغير قصد” .. “تعطيه إجابات سهلة بدون حثه على التفكير” ..
    • ولكن ابذر: “إيه رأيك يا حبيبي, ممكن نعمل إيه؟” .. أو “حصل خير, بس هتعمل إيه علشان ما يحصلش كده تاني؟ ” .. أو “جربت كام مرة قبل ما تقول ما اعرفش؟ طيب جربت إيه؟”
  3. إذا أردت أن تزرع في إبنك أن يهتم بصلاته وعلاقته بربه ..
    • فلا تبذر: “يللا يا حبيبي نصلي الظهر لحسن العصر هيأذن” .. أو “يللا نصلي بسرعة قبل الشوط التاني ما يبدأ” .. أو “هخلص إللي في إيدي ونصلي” .. أو “هو انا صليت المغرب؟”
    • ولكن ابذر: “الظهر أذّن, يللا علشان نلحق تكبيرة الإحرام” .. أو “نصلي وبعد كده نكمل نلعب مع بعض”.
  4. إذا أردت أن تزرع في إبنك أن لا يستخدم يده في التعامل مع إخوته الصغار أو أصدقائه في المدرسة (مع القدرة على دفاعه عن نفسه بالطبع) ..
    • لا تبذر عقاب بدني إطلاقاً “من الآخر ما تضربوش وما تعودوش إنك تمد إيدك عليه”
    • ولكن ابذر: “إنت عملت كده ليه؟” .. أو أن تعاقبه عقاب معنوي, فهو أمضى من العقاب البدني.
  5. إذا أردت أن تزرع في إبنك أن يعتمد على نفسه وليس على الأخرين ..
    • فلا تبذر: “تعالى يا حبيبي ألبسك الكوتشي (وهو يستطيع)” .. أو منعه من أن يأكل بنفسه علشان “بيظروط” .. وعدم تقبل أخطائه وأداؤه الذي لا يرقى لطموحاتنا الكبيرة بصورة عامة في أي شئ يعمله أبناؤنا.

خلاصة الأمثلة السابقة, أننا نربي أبنائنا على الكثير من التناقضات التي تؤثر فيهم سلباً بصورة كبيرة, بل إن ما تفعل أمامه سيثبت في شخصيته أكثر مما تقول, فكما تقول الحكمة “فِعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل لرجل”, وكي لا أطيل عليكم, فإليكم بعض الأمثلة التي شاركني بها أصدقائي حين سألتهم عن بعض الأمثلة للمتناقضات التي يرونها بإنفسهم في حياتهم اليومية أنقلها لكم كما هي:

  • “بتفرج على التليفزيون كتير, وكل يوم فيلم, لكن بطلب من أولادي عدم الإكثار من التليفزيون”.
  • حين نخطئ مع أبنائنا لا نقول “أنا آسف” ونطالبهم دائماً بها عند الخطأ.
  • إذا أنا كسرت كوباية بقول “حصل خير”, لكن إذا كسر إبني مثلها فالويل والثبور وعظائم الأمور!
  • قد لا نمسك المصحف إلا من رمضان إلى رمضان, ولكن من الضروري أن يلتحق إبنك بالمقرأة الصيفية (طبعاً لا أسأل أن تخرجه, ولكن كن له قدوة ولابد أن يكون لك ورد يومي من القرءان). نفس الكلام يَسري على ممارسة الرياضة “عن كِرش الأب حدّث ولا حَرج, بس لازم الواد يروح تمرين السباحة :)”.
  • أطالبه دائماً بالاستئذان وأن يقول “لو سمحت” قبل أن يطلب أي شئ, ولا أقولها له حين أطلب منه شئ.
  • أُكثر السب والشتم في التليفون أو مع أصدقائي, وبالطبع أنهاهم عن ذلك مطلقاً. (طبعاً الحل أن يتوقف هو عن السباب, وليس أن يسمح لأبنائه).

الخلاصة

  1. علينا مراعاة أن أبنائنا بشر, يصيبوا ويخطؤا ويتعلموا, فلنكن رفقاء بهم, نحن أنفسنا نخطئ ونصيب ويزيد عندهم أنهم مازالوا صغاراً, أمامهم الكثير ليتعلموه.
  2. قبل أن نأمرهم ونهاهم, علينا أن نكون قدوة لهم من باب “أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم”؟

ختاماً, علينا أن نعيد النظر في التناقضات الكثيرة في تربيتنا لأبنائنا, بذر البطيخ لن ينتج بأي حال شجر للموز أو أي شجر آخر .. لن ينتج إلا بطيخ, بل قد يكون البطيخ “أقرع”.

شاركونا بأمثلة عملية تمر عليكم من هذه التناقضات في التعليقات أسف المقال.

بمناسبة موسم البطيخ إنتظرونا في المرة القادمة إن شاء الله ومقال بعنوان “إضرب الأرض .. مش هتطلع بطيخ!”

5 thoughts on “بذر البطيخ وشجر الموز

Leave a reply to Anonymous Cancel reply